“صوت الدعاة” تسأل .. هل مهاويس الشهرة” يفتحون الأبواب للمتطرفين لاصطياد الشباب؟
أدار الحوار لصوت الدعاة: محمد الزهيرى
مختار مرزوق: لا أعيب على مهاويس الشهرة ولكن أعيب على بعض الإعلاميين والفضائيات التى تستضيفهم
يأتى عيد الميلاد المجيد مع بداية كل عام ويحتفل فيه المسيحيون بمولد السيد المسيح ، عيسى عليه السلام ، ويثار حديثا حول حكم تهنئة المسلمين للمسيحيين فى أعيادهم ، فيرى البعض جواز تهنئة غير المسلمين، ويرى آخرون حرمة ذلك، ووصل الأمر إلى حد التكفير ، فأجرت “صوت الدعاة” حوارا مع الأستاذ الدكتور “مختار مرزوق عبدالرحيم ” -العميد السابق لكلية أصول الدين بأسيوط وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية- عن هذه القضية ، وبعض القضايا التى كانت مثارة مؤخرا على الفضائيات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعى .
— بداية … ماحكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم؟
هذا الأمر الذى يثار كل عام فى مصر أكدته وأقرته دار الإفتاء المصرية ، وذكرت بعض الأدلة التى تفيد بجواز تهنئة غير المسلمين فى أعيادهم ، إلا أن بعض الناس من مثيرى الفتن يأتون على مواقع التواصل الاجتماعى ويبتدعون ويذكرون ماقاله ابن تيمية مستدلين بعدم جواز تهنئة غير المسلمين ، كما يكفرون من يرى جواز تهنئتهم وهذه نظرة خاطئة .
— كيف نرد على من حرم تهنئة غير المسلمين؟ وهل أخطأ ابن تيمية فى فتواه؟
نقول لهم أن الإسلام أحل للمسلم الزواج من المرأة الكتابية ، وأهل الكتاب طعامهم – أيضا – حل لنا كما ذكر الله ذلك فى “سورة المائدة” ، فمن أراد من المسلمين أن يتزوج محصنة من أهل الكتاب جاز له ذلك ، والزواج آصرة أقوى من تهنئة المسيحيين أو غيرهم بأعيادهم ، وأذكر ما ذكره وأكده بعض المحققين من أهل العلم بأن فتاوى ابن تيمية لها وقتها ، وكانت فى وقت فيه عداوة شديدة بين أهل الكتاب والمسلمين ، فصدرت هذه الفتاوى التى تناسب العصر الذى كان فيه العداوة بين هؤلاء الناس وبين المسلمين ، ومن هنا قال المحققون – من أهل العصر -: لو عاش ابن تيمية فى عصرنا الحالى ورأى أن العالم أصبح قرية صغيرة يبلغ الخبر من مشرقه لمغربه فى لمح البصر ورأى تشابك المصالح بين المسلمين وغيرهم من اليهود والمسيحيين لغير الكثير من فتاواه ، فأنصح هؤلاء بأن يرجعوا ويراجعوا فتاوى دار الإفتاء فى هذه الأمور المختلف فيها ، فكلامها شاف فى هذا المقام ، فتذكر الحكم ومعه الحجة ، وأن هذا نابع من قوله تعالى: “لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين” .
— ما حكم تقديم وقبول الهدية من غير المسلمين فى مناسباتهم وغيرها ؟
إعطاء غير المسلمين الهدايا أو أخذ هدايا منهم فى أعيادهم أمر أجازه الإسلام ووهذا من باب التواصل الاجتماعى ولاحرج فيه ، ففى الصحيحين أن السيدة أسماء بنت أبى بكر الصديق – رضى الله عنهما- قالت يارسول الله :”إنى أمى أتت إلى وهى راغبة – أى راغبة عن الإسلام – أفأصل أمى؟ قال النبى ، صلى الله عليه وسلم : صلى أمك” .
وجاء فى صحيح البخارى من الأحاديث مايفيد جواز قبول الهدية من غير المسلم حتى وإن كان يعبد غير الله ، فما بالكم بأهل الكتاب من المسيحيين واليهود ، فلامانع من قبول هديتهم والإهداء إليهم .
— يثار مع بداية كل عام بعض الأقاويل من أهل الفلك والمنجمين بما يخوف أو يسعد الناس ويتقولون بما يشير إلى أنهم يطلعون على شئ من الغيب … فهل يعمل الناس بقولهم؟ وما حكم من صدقهم؟
هذا من الفتن ، وما يتكلم به هؤلاء الذين يدعون أنهم يعلمون الغيب لايصدقه العقل ، فهذا أمر من الأمور الخطيرة التى يجب على الناس أن يبتعدوا عنها ، ومن يتابع قولهم على مواقع التواصل وغيرها يرى كذبهم ، فمن الأمثلة القريبة أن بعضهم قال على إحدى الفضائيات فى السنة التى أنتخب فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى بأنه لايمكن انتخابه هذا العام أبدا وستؤجل الانتخابات ، وقال آخرون بأنه سيترشح الرئيس السيسى ويفوز فى الانتخابات ، فمن يصدق هذا الكلام المتناقض!!
وسمعت من يقول منهم أن بعض هذا العلم فى كتاب لعلى ابن أبى طالب – كرم الله وجهه – وهذا يدل على أنه لايعرف شيئا عن على ابن أبى طالب ، ولاعن خرافات بعض الشيعة ، فالكتاب جمعه بعض علماء الشيعة من هنا وهناك ونسبوه قولا وزورا إلى على ابن أبى طالب .
وحذرنا النبى محمد ، صلى الله عليه وسلم ، من الذهاب إلى هؤلاء وتصديقهم ، فقال: “من أتى عرافا أو كاهنا فلن تقبل صلاته مدة أربعين يوما” ، ولم تقبل صلاته أى يصيلها ولكنه لم يأخذ أجرها ولم نطالبه بصلاتها مرة أخرى ، كما وضح الإمام النووى فى شرحه لصحيح مسلم ، وروى فى حديث آخر أن النبى، صلى الله عليه وسلم ، قال:”من أتى كاهنا أو صدقه فكأنما كفر بما أنزل على محمد” ، وهذا معناه أن تصديق هؤلاء وأنهم يعلمون الغيب كفر بما أنزل على النبى ، وقد بين القرآن الكريم أن الغيب لايعمه إلا الله قال تعالى: “قل لايعلم مافى السماوات والأرض الغيب إلا الله ومايشعرون أيان يبعثون” .
— ما حكم شراء الجرائد التى بها حديث عن الفلك والتنجيم؟
إن كانت الجريدة من أولها لأخرها عن الفلك والتنجيم وحديث للناس عن المستقبل وما سيحدث لهم فيه فلايجوز شراؤها ، فهى من المحرمات وعلى الإنسان أن يتجنبها ، أما الجرائد المنتشرة اليوم والتى بها جزء بعنوان حظك اليوم فشراؤها جائز ؛ لأنها تحتوى على أخبار سياسية واقتصادية ودينية وغيرها ، ومن يقرأون هذا الجزء – حظك اليوم – من باب الترفيه وليس أنه من باب الغيب أو تصديقه والإيمان به فلانظلمهم ونقول أنهم تحت طائلة من لاتقبل صلاتهم مدة أربعين يوما أو كفروا بما أنزل على النبى ،صلى الله عليه وسلم، ولكنى على أية حال أنصحهم بالابتعاد عن مثل هذه الأشياء إذ لاخير فيها .
أهل التنجيم والفلك ليسوا كفرة ، فأنا أتحرى من أن أصف أناسا بالكفر ، إنما هم يأتون بكبيرة من الكبائر بقولهم أو اعتقادهم أنهم يعلمون الغيب ، أما مسألة التكفير وإن كان الإنسان يفعل شيئا لاشبهة فيه كمن سب الدين مثلا فنرد ذلك للقضاء حتى نخرج من فتنة التكفير المنتشرة هذه الأيام ، بل ونحن نحتاج لمثل هذه القوانين التى تردع الناس الذين يكفرون غيرهم على الشبهات ، وعلى المسلم أن يبتعد عن ذلك لما ورد فى الصحيحين من قول النبى ،صلى الله عليه وسلم: “من قال لأخيه ياكافر فقد باء بها أحدهما”.
— التنجيم ليس من الغيبيات .. فماذا عن الرؤيا الصادقة .. هل هى من الغيبيات ؟..وهل يصح لصاحب الرؤيا الصادقة أنه يقول أنه يعلم الغيب؟
يقول النبى ،صلى الله عليه وسلم: “الرؤية الصادقة جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة” ، فمن يرى الرؤيا الصالحة وتحدث إنما يدل غالبا على صلاحه ، ولانقول أنه عالم بالغيب ، وإنما نقول كما قال أهل العلم معلما بالغيب ، لأن الله أعلمه ببعض الغيب، فمن رأى ذلك عليه أن يحمد الله،عزوجل .
أما من رأى فى منامه شيئا من الفزع أو الخوف فهو من الشيطان ، كما أخبارنا النبى ،صلى الله عليه وسلم ، أن الرؤيا من الله والحلم من الشيطان ، فما كان من الشيطان علاجه أن يتفل الإنسان على يساره ثلاثا ، وأن يتحول عن جنبه الذى هو نائم عليه ، ويستعيذ من الشيطان ، ولايحكى هذا الحلم لأحد وبالتالى لايقع ولايصيبه منه شئ .
تابع البعض رد فضيلتك عن مسألة الطعن فى صوت المؤذنين .. فنريد أن نؤكد هل أنتم مع وضع شروط للمؤذن؟ وهل الأذان بما فيه من إطالة الصوت صحيح؟
الأذان من شعائر الإسلام ولأنه إعلاء لكلمة الله – عزوجل – فلايجوز للإنسان أن يطعن فيه أبدأ ، ومهما كان صوت المؤذن لايعجبك فلا تطعن فيه ، ونحن نطلب من إخواننا فى وزارة الأوقاف أن يختاروا المؤذن ويكون صوته نديا ، كما قال النبى ،صلى الله عليه وسلم: “قم فألقها على بلال فإنه أندى منك صوتا” ، وكان ذلك لعبدالله ابن زيد -رضى الله عنه ، والذى أبلغ الرسول برؤيا الأذان .. فلايجوز أن يصفوا الأذان أوصوت المؤذن بالتجعير أو مايعاقبوا عليه يوم القيامة عقابا شديدا ، وعليهم أن يستغفروا الله ، عزوجل .
والأذان فى مصر كما جاء من كبار المقرئين كالشيخ عبدالباسط عبد الصمد والشيخ محمد رفعت وغيرهم صحيح – إن شاء الله عزوجل .
— ظهر منذ يومين من يدعى أن الله تحدث إليه وأنه صور النبى .. فما ردكم عليه وهل نصدق أى شخص يقول أن الله تحدث إليه ؟
من قال أنه صور النبى ،صلى الله عليه وسلم، الكل يعلم أنه أتى بصورة لعالم باكستانى أو شيخ طريقة فى باكستان ، وأيا كانت الصورة ، فهل صوره فى المنام ؟!
والله ، تعالى ، يقول: “وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ” ، فالله لم يتحدث إلى بشر بهذه الصورة التى قال عنها هذا الرجل ، وفى كلامه مايدل على أنه من هواة الشهرة حينما قال للرئيس السيسى أنت لست رئيسا إنما أنت ملك ، وهذا غير صحيح .
وقد نشر للكاتب الكبير توفيق الحكيم ، مقالات أخبر فيها أن الله تكلم إليه وأنه تكلم إلى الله وكان هذا فى عصر الشيخ الشعراوى ،رحمه الله، وكان الشعراوى قد ثار ثورة شديدة ضد هذا الكلام ، وبعد ذلك تراجع “الحكيم” عن قوله ، وزاره الشيخ الشعراوى بعد ذلك عندما مرض .
— بالأمس القريب خرج من يطلق على نفسه مفسر للأحلام ويقول بأن الشيخ عمرو خالد هو المسيخ الدجال وسيظهر ذلك نهاية العام الجار … فما ردكم عليه؟
من قال بأن فلان سيصبح المسيخ الدجال هو من مهاويس الشهرة ، أيضا ، ولايعرف شيئا عن المسيخ الدجال ، فقد جاءت الأحاديث عن المسيخ الدجال وهى مذكورة فى صحيح البخارى .
وإننى لا أعيب على هؤلاء .. إنما أعيب على الفضائية التى استضافته ، وعلى الإعلامى الذى تحدث إليه ، فعلى الإعلاميين أن يحترموا العقول ، وينشروا مايستحق النشر ، ومن هنا أطالب بوزير للإعلام يقضى هل هذه الفوضى ، ولابد أن يكون هناك ميثاق شرف لمن يتحدث على الفضائيات ومن يختارهم الإعلاميون .
— النائبة التونسية “يمينة الزغلامي” النائبة – عن حزب النهضة الإسلامية – طالبت بإجراء حصص في الثقافة الجنسية للأطفال داخل المداس ، مبررة ذلك بأنها تريد تنبيه الأطفال برفض التقبيل من أى شخص دون أسرتهم أو أن يلمس أحد أماكن عفتهم … فهل ترون أن أطفالنا بحاجة لتدريس مثل هذه الثقافة؟
التوسع فى تدريس هذه الثقافة يفسد الأطفال ، ويفسد مجتمعاتنا ، وإن أرادوا أن يطبقوا هذا فليرجعوا إلى مناهج الأزهر فى الثانوية والجامعات ، فهى مناهج متكاملة بنظرة إسلامية ، أما التوسع فيها من المنظور الغربى الحديث يفسد الأطفال ويضرهم أكثر مما يفيدهم ولا يوجههم إلى الصلاح .
ومن ينادون بهذا لايدركون مطالبهم لو طبقت لتحولت مجتمعاتنا من إسلامية محافظة إلى مجتمعات منفتحة كما فى الغرب ، وهو يفتح الشر المستطير على مجتمعاتنا الإسلامية والإعلامية .
— انتشرت مؤخرا أراء تطعن فى شعائر وثوابت الدين كالأذان والميراث وأحكام الطلاق وغير ذلك .. فهل هذا نتاج لانتشار الفكر الداعشى والإرهابى؟
الذين يطعنون فى شعائر وثوابت الإسلام هم بعض ولاة العلمانية فى مصر ، وهذا الأمر يحتاج لوقفة صارمة وسن القوانين التى تردع هؤلاء ؛ لأن المتطرفين سيضللون الشباب إليهم ، والحجة موجودة بأن هذا الشعب يطعن فى ثوابت الدين ، فيكرهونهم فى دينهم ، وهم يهزأون بعلماء الدين ويريدون هدم الأزهر الشريف ويجرون الشباب إليهم .
فلا يجوز لإنسان أن يطعن فى ثوابت الدين وهؤلاء كما قلت هم ولاة العلمانيين والذين يأخذون الأموال من كارهى الإسلام للطعن فى الإسلام ، أما الدواعش عندهم غلو فى تطبيق الإسلام ، فلن تجد داعشى مثلا يتحدث عن الأذان أو يطعن فى أحكام الميراث ، إنما يفعل ما هو أعظم وأخطر من ذلك وهو قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق .
إن هذا يرجع إلى ضعف ثقافة بعض مقدمى البرامج الدينية، فهل يعقل مثلا أن يخرج على فضائية مصرية وفى بلد الأزهر من يقول أن البخارى ليس هذا اسمه إنما صاحب هذا الكتاب هو “جمعه أبا عبدالله” بعد أن قرأ كلمة “جمعه”، بضم الجيم ، بدلا من “جمعه” ،بفتح الثلاثة ، فهذا شخص لايستطيع أن يفرق بين الاسم والفعل ، فكان أولى من المذيع أن يطرد هذا الضيف ولايترك له مجالا للكلام ،وإذا نظرنا إلى الجهة الأخرى بأنه لو أخطأ هذا الرجل فى أحد السياسيين فإن القيامة تقوم ويحدث له كذا وكذا ، فكيف وهو يهزأ بصحيح البخارى ، وأيضا ، من خرج يقول أن الخمر مكروهة وليست حرام ، فلابد من مراجعة هذه الأمور وسن القوانين ؛ حتى يكون مايقدم للناس جيدا ، ولأنه يقال أنها تصدر من مصر بلد الأزهر الشريف .
— أشرت إلى أن ظهور بعض مهاويس الشهرة راجع إلى ضعف ثقافة بعض مقدمى البرامج الدينية… فهل ترى أن بعض مقدمى البرامج يحتاجون لدورات تثقيفية؟ وماذا لو أشرف الأزهر على البرامج الدينية؟